المرأة التونسية عبر التاريخ
يَحفل تَارِيخ المَرأة التُّونسية بِرُموز من النسوة اقتَرنَ ذكرهُنَّ بالبِنَاء والتَّأسِيس (عليسة مؤسسة قرطاج) وبرفض الضيم (الكاهنة) وبإباء مَا ترى فيه النِّساء حَطّا من كرامتهنَّ إزَاء أنفسهنّ (أروى القيروانية) وبطلب العلم والتَّفوّق فيه (أسماء بنت أسد بن الفرات وخديجة بنت الإمام سحنون) وبالعطاء لفائدة الفئات الضعيفة (عزيزة عثمانة) وبتحدّي أشكال القهر والتسلّط (حبيبة المنشاري ومنوبية الورتاني) وبالانخراط في العمل الوطني النضالي (بشيرة بن مراد).
ومن المرجّح أَنْ تكون هذه الرموز – على قلّتها – فاعلة في تَعدِيل صورَة واقع اقْترَن في أغلب فترات تاريخه بإقصاء النِّساء وبفرض العزلة عليهنّ وبتهميش ما كنّ يبذلنه من جهود مضنية في سبيل مساعدة عائلاتهن وفي حمل ذوي العقول النيّرة على الوعي بحقوقهن وعلى المطالبة بتحريرهنّ من كل أشكال الظلم والإقصاء في فترة جرّدت خلالها المرأة التّونسية من كلّ أسلحة المقاومة بفعل قرون من الجهل والانحطاط وعقود من الاستعمار الغَاشم.
لذلك لم يلبث أن أصبح وضع المرأة في المجتمع منذ بوادر فكر النهضة والإصلاح موضوعًا من مواضيع التَّفكير وهدفًا من أهداف المشاريع الإصلاحيّة، فتونس المتميّزة بتفتّحها الجغرافي وبانفتاحها الحضاري وباستعدادها الدّائم للتَّفاعل البنّاء مع كلّ الروافد الثقافية قد مثّلت إطارًا مناسبًا لنخبة بدأت منذ منتصف القرن التَّاسع عشر تبحث في تجربة التّقدم الأوروبي عن أسباب تحقّقها، عساها تجد فيها ما ينير طريقها نحو نهضة ذاتية منشودة، فأدركت أنَّ من هذه الأسباب ما له صِلة بوضع المرأة، إذْ كان تَعلِيمُها وتمكينها من الحقّ في العمل المأجور وفي الحياة العَامة فَاتحة طور جديد أدركت خلاله أوروبا التَّقدّم والحداثة، وعلى النقيض من ذلك مثّل الجهل المهيمن على نسائنا والإقصاء المسلّط عليهنّ وتهميش أدوارهنّ الاجتماعية أحد أبشع مظاهر تخلفنا وسببا من أسبابه الفاعلة.
لعهد القرطاجي
814 ق . م - 146 ق . م)
" عليسة ":
سميت " ألشت" أي "عليسة" بالإغريقية.
ابنة ملك صور الفينيقية "موثو" ، اقتسمت السلطة في مملكة صور بعد وفاة والدها مع أخيها الملك "بيقماليون".
المآثر : بعد هروبها من أخيها الذي قتل زوجها، قصدت عليسة إفريقية واستقرت بها وأسست بها مدينة " قرت حد شت" أو "قرطاج" سنة 814 ق.م. هذه المدينة الأم للإمبراطورية القرطاجية العظيمة التي عرفها التاريخ لاحقا والتي طبقت شهرتها الآفاق واجتمع لها من الثراء والحرية مالم يجتمع لغيرها.
"صفنيبة" غادة قرطاج :
ولدت صفنيبة سنة 221 ق.م. وهي ابنة عزربعل ابن جرسكن السياسي الكبير في قرطاج وعضو مجلس شيوخها.
المآثر : كانت وراء التحالف النوميدي القرطاجي بزواجها من الملك سيفاكس فكان لها دور كبير في محالفة النوميديين لقرطاج وحثهم على دعمها في حربها مع روما.
كانت تحسن لغات عصرها فضلا عن الرقص والموسيقي وهي الأديبة الحسناء التي تناول شخصيتها العديد من المؤرخّين والكتاب والأدباء القدامى والمعاصرين.
لعهد القرطاجي
814 ق . م - 146 ق . م)
" عليسة ":
سميت " ألشت" أي "عليسة" بالإغريقية.
ابنة ملك صور الفينيقية "موثو" ، اقتسمت السلطة في مملكة صور بعد وفاة والدها مع أخيها الملك "بيقماليون".
المآثر : بعد هروبها من أخيها الذي قتل زوجها، قصدت عليسة إفريقية واستقرت بها وأسست بها مدينة " قرت حد شت" أو "قرطاج" سنة 814 ق.م. هذه المدينة الأم للإمبراطورية القرطاجية العظيمة التي عرفها التاريخ لاحقا والتي طبقت شهرتها الآفاق واجتمع لها من الثراء والحرية مالم يجتمع لغيرها.
"صفنيبة" غادة قرطاج :
ولدت صفنيبة سنة 221 ق.م. وهي ابنة عزربعل ابن جرسكن السياسي الكبير في قرطاج وعضو مجلس شيوخها.
المآثر : كانت وراء التحالف النوميدي القرطاجي بزواجها من الملك سيفاكس فكان لها دور كبير في محالفة النوميديين لقرطاج وحثهم على دعمها في حربها مع روما.
كانت تحسن لغات عصرها فضلا عن الرقص والموسيقي وهي الأديبة الحسناء التي تناول شخصيتها العديد من المؤرخّين والكتاب والأدباء القدامى والمعاصرين.
العهد الرّوماني (146ق.م - 439 م)
القدّيستان " بربيتو" و" فيليسيتاي" :
ولدت "بربيتو" و"فيليسيتاي" في أواخر القرن الثاني ميلادي وكانت الأولى تنتمي إلى عائلة ثريّة ونبيلة أما الثانية فتنتمي إلى فئة العبيد.
المآثر : تعتبر "بربيتو" و "فيليسيتاي" شهيدي العقيدة إذ تم إيقافهما وإيداعهما السجن ثم الحكم عليهما بالإعدام اثر اعتناقهما المسيحية في أول عهدها.
فكانا مثالا على قوّة الأحاسيس الدينية والشّجاعة والصّفاء والطّمأنينة.
بداية الفتح العربي لشمال إفريقيا
647 م - 698 م)
" الكاهنة ":
اسمها دهيا بنت تابتت بن تيفان من قبيلة جراوة من زناتة المخيمة بجبل الأوراس.
عاشت في فترة أوائل الفتح العربي الإسلامي الإفريقية.
المآثر : كانت الكاهنة زعيمة لثورة برابرة المغرب الأوسط وإفريقية ضدّ الفتح العربي الإسلامي، حاربت حسان بن النعمان الغساني في مرحلة أولى سنة 75 هـ وكان نصرها عليه و أسرها لعديد العرب المسلمين فملكت الكاهنة بذلك إفريقية كلها لمدة 5 سنوات حتى عاد حسان بن النعمان من جديد لهزمها وقتلها.
العهد الاغلبي
184 هـ - 296 هـ/ 800 م - 909 م)
"أم البنين الفهرية" :
فاطمة الفهرية ابنة محمد الفهري، كنيتها أم البنين جاءت إلى المغرب ضمن المهاجرين القيروانيين (في عهد الأدارسة).
توفيت سنة 265 هـ / 880 م.
المآثر : بَنَتْ جامع "القرويين" على ضفاف وادي فاس وقد أعتبر من اعرق المؤسسات الدينية والتعليمية في هذه المدينة، انتهت أشغاله في رمضان من سنة 245 هـ/ 855م وقد حرصت فاطمة الفهرية على حسن وصحة بناء هذا المسجد بان استخدمت مواد بناء مستخرجة من نفس قطعة الأرض التي شيد عليها الجامع وذلك للاقتصار على مواد مامونة المصدر.
"خديجة بنت الإمام سحنون" :
خديجة بنت الإمام سحنون بن سعيد التنوخي حامل لواء المذهب المالكي بالمغرب.
توفيت سنة 270 هجري
المآثر : عرفت خديجة بإصابة الرأي ورجاحة العقل وبالعلم وبالفتوى في الدين لنساء زمانها وكذلك بالفقه.
"أسماء بنت أسد بن الفرات" :
أسماء بنت أسد بن الفرات عالم إفريقية وقاضيها وفاتح صقلية. توفيت سنة 250 هـ .
المآثر : كانت تحضر المجالس العلمية لأبيها وتشارك في السؤال والمناظرة حتى اشتهرت بالفضيلة ورواية الحديث والفقه على رأي أهل العراق أصحاب أبي حنيفة.
"مهريّة الاغلبيّة" :
هي الأميرة مهرية بنت الحسن بن غلبون التميمي نشأت أواسط القرن الثالث للهجرة بمدينة رقادة قرب القيروان، وهي من الأسرة الحاكمة.
المآثر : أتقنت العربية واشتهرت بنظمها للشعر الجيّد.
العهد الصنهاجي :(973 م - 1148 م)
"أم ملال" :
الأميرة أم ملال، اسمها السّيدة بنت المنصور بن يوسف الصنهاجي ولدت بقصر المنصورية الذي إبتناه أبوها بصبرة على ميل من القيروان.
المآثر : كانت ذات تربية عالية وأدب وعلم وقد نالت مكانة هامة خاصة في عهد حكم أخيها باديس إذ كانت تشاركه في الأعمال وتقاسمه معالجة سياسة الملك، وقد ربت ابنه المعزّ وساعدته على الحكم صغيرا بعد والده باديس.
"أم العلو" :
الأميرة أم العلو بنت نصير الدولة باديس واخت المعز، تربّت في قصور صنهاجة بين المنصورية والمهدية في كفالة عمتها أم ملال.
المآثر : اشتهرت بالتربية العالية والفضيلة والعلم شاركت أخاها المعز وكذلك زوجها الأمير عبد الله بن حماد الصنهاجي في ميادين القتال والطّعن.
"فاطمة الحاضنة" :
إسمها فاطمة المشهورة بالحاضنة أصلها من بلاد النصارى سيقت إلى المهدية ثم إلى القيروان في عهد المنصور الصنهاجي وقد اختصّها هذا الأخير لحضانة ابنه باديس، توفيت سنة 420 هـ.
المآثر : اشتهرت بالفضيلة والورع، بعد إسلامها وترسيخ عقيدتها، والبرّ حتى باهت بأعمالها الخيرية كبار رجال ونساء عصرها.
كان لها وقفها على جامع عقبة بالقيروان الكتب النفيسة والمؤلفات النادرة.
"أم يوسف" :
اسمها "زليخاء" وهي زوجة المعز ابن باديس.
المآثر : كانت من شهيرات نساء عصرها حسنا وجمالا وأوفرهن عقلا وكمالا. كانت كثيرة التصدق على الفقراء خاصة اثر وباء 425 هـ.
"الأميرة بلاّرة" :
هي الأميرة بلارة بنت تميم بن المعز بن باديس، كان مولدها بالمهدية (العاصمة الثانية بعد القيروان). توفيت في عهد ابنها المنصور.
المآثر : عرفت بالتربية العالية واشتهرت بالعلم والدين واهتمامها الكبير بالشعر.
"خدّوج الرّصفية" :
هي خديجة بنت احمد بن كلثوم المعافرى وخدّوج لقب لها.
عاشت بالساحل الشرقي من القطر التونسي في مرسى صغير يعرف باسم " رصفة ".
المآثر : هي شاعرة وأديبة مشهورة في واسط القرن الرابع للهجرة، عرفت بفصاحتها و أدبها وحذقها الأشعار الجميلة.
"الجازية الهلالية" :
تنتمي الجازية للقبائل العربية من بني هلال وبني سليم، القبائل التي انطلقت من الجزيرة العربية إلى إفريقية في منتصف القرن 11 م ، فكان هذا الزحف بمثابة الكيد والتأديب للصّنهاجيين من طرف الفاطميين في مصر.
المآثر : هي من الشخصيات المحورية في السيرة الهلالية والتي تمثل وثائق نفيسة بالنسبة للذّاكرة الجماعية وهي تمثل مرجعا ثريا حول اللّهجات العربية والحياة الاجتماعية والأخلاق الجماعية وحول صورة المرأة في تلك القبائل.
والجازية هي أنموذج للمرآة الذكية الجميلة المحاربة، عرفت بالرأي والتدبير واتصفت بالعقل والفصاحة.
العهد الحفصي :(1229 م - 1574 م)
"الأميرة عطف" :
هي الأميرة الحفصية عطف - أم الخلائف - زوجة أبى زكرياء الأول ووالدة المستنصر بالله وللسلالة التي حكمت افريقية لثلاثة قرون وهي من أصل إسباني.
المآثر : ساهمت في مسار الإزدهار العمراني خلال الحكم الحفصي بتأسيسها لجامع " الهوا" يعرف أيضا بجامع " التوفيق" ولمدرسته سنة 1252 م، ويعدّ هذا الجامع من أجمل نماذج العمارة التونسية ويشرف هذا المعلم على بحيرة السيجومي.
"الأميرة فاطمة" :
هي فاطمة أخت السلطان أبى بكر بن أبى زكرياء الملقب بالمتوكل على الله.
المآثر: أسست مدرسة (عنق الجمل) سنة 742 هـ فكانت هذه المدرسة قبلة لأفواج من الطلاب خاصة عندما ادارها ودرّس بها الشيخ القاضي محمد بن عبد السلام التونسي.
"زينب التجانية" :
هي زينب بنت أبى إسحاق إبراهيم التجاني الذي أعتبر من فطاحل كتاب الدواوين الحفصية وأدباء عصره المجيدين.
المآثر : شهرت بالعلم والأدب وعرفت خاصة بأنها شاعرة مجيدة عارفة بصناعة الشعر متمكنة من الأدب.
"أم العلاء العبدريّة" :
اسمها سيدة بنت عبد الغني بن علي العبدري، وتكنّى أم العلاء، اصلها من غرناطة، توفي ة بتونس سنة 647 هـ .
المآثر : عرفت بأنها عالمة جليلة، حافظة للقرﺁن بارعة في العلوم، مليحة الخطّ، كانت تحترف تعليم النساء وجمع الأندية العلمية. علّمت بالحاضرة في بلاط السلاطين من بني حفص، نسخت بخطها مؤلفات من الأدب والتربية الشرعية.
"سارة الحلبية" :
سارة الحلبية من الوافدات على الحاضرة التونسية من الشام.
المآثر: اشتهرت بالأدب والعلم والف فكانت أديبة شاعرة وطبيبة ماهرة وصانعة مجيدة وكانت الرحالة الأديبة، تسافر في البلاد طلبا للاطلاع ومسامرة الأمراء والمشاركة بالبحث في المسائل العلمية والمناظرة في فنون الأدب.
"السيدة المنوبيّة" :
اسمها عائشة بنت الشيخ المرابط أبى موسى عمران بن الحاج سليمان المنوبي. ولدت سنة 595 م / 1197 م و توفيت سنة 665 هـ / 1297م.
المآثر : تتلمذت على يد سيدي أبى سعيد الباجي وخاصة الشيخ أبى حسن الشاذلي وهي من أهم المتصوفين والمفكرين والأولياء في ولاية تونس.
صاحبت أولياء الحكم والسلطة و أثرت فيهم وكانت لسان دفاع عن الفقراء والمساكين.
"السيدة الشريفة عائشة" :
الشريفة عائشة من شهيرات القرن السابع للهجرة نبغت بمدينة بجاية التابعة إذلك للملكة الحفصية.
المآثر : عرفت بأنها أديبة و شاعرة و فصيحة و خطاطة. نسخت بخطها ثمانية عشر جزءا من كتاب " يتيمة الدّهر" للثعالبي.
العهد التركي العثماني :(1574 م - 1705 م)
"السيدة عزيزة عثمانة" :
الأميرة عزيرة ابنة أبو العباس احمد بن محمد بن عثمان داي وحفيدة حاكم تونس الشهير عثمان داي وزوجة حمودة باشا المرادي.
ولدت أواسط القرن 11 هـ الموافق للقرن 17 م ، توفيت سنة 1080هـ/ 1660 م.
المآثر : كانت تشتري الأسرى والمخطوفين وتخلي سبيلهم وتقتني العبيد ثم تعتقهم ومن أهم مآثرها وصيّتها الشهيرة التي حبّست بموجبها جميع ممتلكاتها على عدد من المشاريع الخيرية، وقد أنشأت عزيزة " مارستنا " تعالج فيه جميع الأمراض في نهج العزّافين صار يسمى فيما بعد " المستشفي الصادقي ". كما حبست جملة من الممتلكات ووظفت ريعها على اوجه البر والمعروف وعلى عتق الرقيق وإنقاذ الأسير والتفريج عن الفقراء واليتامى.
العهد الحسيني: (1705 م - 1957 م)
"أم الأمراء : آمنة" :
آمنة وتدعى منّانة بنت الأمير على باي بن حسين بن علي باني البيت الحسيني ، وهي أخت حمودة باشا وزوجة الباشا محمود باي وأم الباشا حسين ومصطفي باي. توفيت سنة 1238 هـ.
المآثر : كانت حافظة للقرﺁن متفقهة في الدين، عارفة بالأدب والعلوم، متصدقة ورعة. وكانت آمنة تعمل دوما على الحفاظ على البيت الحاكم في عهد أخيها ثم زوجها وخاصة أبناءها.
"فاطمة عثمانة" :
هي فاطمة بنت محمد بن عثمان بن الحاج حسين بن احمد بن محمد بن عثمان داي وزوجة حسين باي.
توفيت سنة 1242 هـ .
المآثر : عرفت بالجمال البديع والأخلاق العالية والعلم الوفير وكانت من المحسنات الجليلات ساعدت زوجها على أعباء الحكم، وقد شهرت أيضا بالكرم وعلوّ الهمّة والسياسة في جلب القلوب لها ولزوجها.
"أروى القيروانية" :
أميرة أغلبية أصيلة مدينة القيروان اشترطت على أبي جعفر المنصور أن يقر في عقد زواجها أن لا يتزوج عليها بامرأة ثانية وإن وقع ذلك فلها الحق في تطليق نفسها. وقد اقترن إسمها بصداق خاص سمي "الصداق القيرواني"
مساهمة المرأة في معركة التحرير منذ الثلاثنيات
• شاركت النساء في الأنشطة النضالية للحزب الحر الدستوري من مواقع قاعدية ميدانية في الحركة الوطنية بنشر الدعاية الوطنية ونقل الأسلحة والمراسلات وإحضار المؤونة وتوفير حاجيات المقاومين والمساجين.
• شاركت النساء كذلك في المظاهرات وتعرضن أحيانا للإيقاف ولا سيما في مظاهرة المكنين بالساحل في 5 سبتمبر 1934 وفي التجمع الذي نظمه الحزب الحر الدستوري الجديد بالعاصمة في 11 جويلية 1937، وفي تظاهرة 8 أفريل 1938 وكنّ حاضرات في أحداث يوم 9 أفريل 1938 في تلاحم الجماهير المطالبة ببرلمان تونسي ضد قوات الإستعمار.
• وفي 22 نوفمبر 1938 طالبت مجموعة من البنات المقيم العام الفرنسي بإطلاق سراح المعتقلين الوطنيين.
• في 3 جانفي 1939 طالبت مجموعة نسائية أخرى رئيس الوزراء الفرنسي الذي يؤدي زيارة لتونس بإخلاء سراح الموقوفين وقد كلفهن ذلك السجن.
• في 13 جويلية 1946 شاركت النساء في زرمدين بالساحل الفلاقة في الهجوم على مركز الجندرمة ودار القايد.
• في 1947 و 1948 ساهمت نساء تونسيات في حملات المساندة لفلسطين وتظاهرن في مسيرات من أجل السلم.
في بداية الخمسينات لا تزال إشكالية السفور مطروحة حيث كانت النخب تتواجه في نقاش عميق على أعمدة الصحف التي خصصت أغلبها ركنا خاصا بالمرأة، فمنهم من نادى بأن تأخذ المرأة بزمام مصيرها وتخرج إلى العمل وإلى الشارع وتتفاعل مع المجتمع، ومنهم من عارض ذلك حتى لا تبتعد المرأة، حسب اعتقادهم، عن عروبتها وإسلامها وتتدهور أخلاقها. وفي الحقيقة وبالرغم من أن المواقف كانت تبدو متناصفة إلا أن المجتمع التونسي تغير في عمقه وأصبح الخطاب السلفي يعبر عن عصر مضى وولى.
ولعل أحسن دليل على اندفاع المرأة التونسية لخدمة القضية الوطنية هو حضورها في الاجتماعات الجماهيرية التي كان ينظمها الحزب الدستوري الجديد وتشهد الصور على وجود مجموعات بيضاء (بياض السفساري) وسط الجماهير كنّ يحضرن الاجتماعات وكنّ يشاركن في حماس بالتصفيق والأناشيد والزغاريد.
السيرة الذاتيّة للسيدة ببيّة بوحنك شيحي
وزيرة شؤون المرأة والأسرة والطفولة والمسنين
السيدة ببيّة بوحنك شيحي التي تمّ تعيينها يوم 14 جانفي 2010 وزيرة لشؤون المرأة والأسرة والطفولة والمسنين ولدت يوم 3 فيفرى 1952 بتونس العاصمة.
وهي متحصّلة على الإجازة في الحقوق وعلى شهادتي المرحلة العليا بكل من المدرسة الوطنية للإدارة والمدرسة الوطنية للديوانة بباريس وشهادة التكوين بالمعهد الوطني للدفاع.
وقد شغلت السيدة ببيّة بوحنك شيحي قبل تعيينها وزيرة لشؤون المرأة والأسرة والطفولة والمسنين مسؤوليات ومهام عديدة صلب وزارتي المالية والصناعة والطاقة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة قبل أن تعيّن رئيسة مديرة عامة للشركة الوطنية لتوزيع البترول "عجيل".
كما عملت صلب عدة لجان وطنية على غرار اللجنة الوطنية للتفاوض للانضمام للاتفاقية العامة للتعريفات الجمركية والتجارة (GATT) والمنظمة الدولية للتجارة واللجنة الوطنية للتفاوض مع الاتحاد الأوروبي واللجنة الوطنية للتفاوض في إطار اتفاقية التبادل الحر مع دول الرابطة الأوروبية للتبادل الحر.
وتنشط السيّدة ببيّة بوحنك شيحي منذ سنة 2002 في إطار مختلف لجان التفكير التابعة للتجمع الدستوري الديمقراطي.
وهي متحصّلة على الصنف الثالث من وسام الجمهورية وعلى الصنف الرابع من وسام السابع من نوفمبر. والسيدة ببية بوحنك الشيحي متزوجة وأم لابنين.
أعطى تعميمُ التعليم وفتحُ أبواب سوق العمل في وجه المرأة، دفعا جديدا للحركية الاقتصادية والاجتماعية بالبلاد. وبفضل التشريعات القائمة على توفير الرعاية للمرأة والمساواة بين الجنسين، وهي تشريعات تبعتها إجراءات خصوصية لفائدتها، أمكن للمرأة أن تخوض غمار الحياة المهنية بدون قيود. وهكذا، ضمنت المرأة شيئا فشيئا حضورها في المؤسسات التربوية وفي المؤسسات الاقتصادية وفي الإدارة، ثم غزت كل القطاعات وكل فروع النشاط، مُبديَة كثيرا من المثابرة والكفاءة والمهارة والقدرة على الإبداع والتجديد. ويفيد المعهد الوطني للإحصاء بأن النساء العاملات، اللائي يمثلن ما يزيد عن ربع عدد السكان النشيطين ، يمثّلن ما يزيد عن 40 بالمائة من العاملين في الصناعات المعملية، وخاصة في قطاع النسيج الذي يساهمن في ازدهاره مساهمة قيّمة وتحسنت نسب العاملات بالقطاع الزراعي وبقطاع الخدمات، حيث يشمل تدخلهن العديد من الميادين مثل النقل والاتصالات والتجارة والبنوك والإدارة. وتمثل النساء ثلث عدد العاملين في الوظيفة العمومية. وتتميز بعض القطاعات، مثل التعليم والصحة بالحضور المكثّف للنساء. ولئن كانت الغالبية العظمى لهؤلاء النساء من الإطارات الوسطى، فقد سُجّل تحسن واضح في عدد النساء اللائي يشغلن مناصب تتطلب مهارات في مجال التصور والتنفيذ. وارتفعت نسبة النساء اللائي ارتقين إلى خطط وظيفية أيضا بصفة ملحوظة. وبالمقابل تمثل النساء الأغلبية في المهن ذات التخصص العالي، ناهيك أن "تأنيث" بعض التخصصات ما فتئ يتطور ويتدعم. ومن ذلك قطاع الصيدلة بنسبة 81،4 بالمائة وقطاع جراحة الفم والأسنان بنسبة 76،1 بالمائة والإطار شبه الطبي بنسبة 58،1 بالمائة، في حين تمثل النساء حوالي نسبة 40،4 بالمائة من الأطباء و27 بالمائة من القضاة.
وعلاوة على ما تقدّم، سجّلت بعض القطاعات، التي كانت في السابق حكرا على الذكور، منذ بضع سنوات، بوادر إدماج للنساء، من ذلك سلكي الأمن الوطني والجيش.
وتجدر الإشارة بشكل خاص إلى الإجراءات العديدة المتَّخذة في إطار سياسات الرعاية الاجتماعية والتضامن الوطني، التي تساهم في الرفع من حظوظ الإدماج الاجتماعي والاقتصادي للمرأة الريفية. وتم في إطار مكافحة الفقر ومخاطر التهميش الاجتماعي إقرار جملة من البرامج الوطنية مثل البرنامج الوطني لمساعدة العائلات المعوزة وصندوق التضامن الوطني 26/26 الذي شرع في سنة 1996 في تنفيذ برنامج مساندة للأنشطة المنتجة للنساء في المناطق المحرومة.
وفعلا تساهم أعداد كبيرة من النساء، سواء في بيوتهن أو في إطار مؤسسات متناهية الصغر في التنمية الاقتصادية للبلاد. وتكتسي انتاجاتهن، سواء كانت فلاحية أو حرفية، أهمية خاصة على أكثر من صعيد، باعتبارها توفر مواطن عمل وموارد رزق بالإضافة إلى تطويرها للمهارات. وتسيطر النساء اليوم على نصيب هام من الصناعات التقليدية ( اللباس التقليدي، الحلي، التطريز ، الخزف ...).
وقد اعتمدت تونس منذ الاستقلال سياسة تشجيعية للإنتاج الحرفي. ولم يعد ثراء المصنوعات الحرفية للمرأة التونسية وخصوصيتها يحتاجان للتدليل والبرهنة. وتستمد هذه المصنوعات خصوصيتها وتفردها من الجمع بين المهارات المكتَسبة بالوراثة والقدرة التي تتميز بها المرأة على الإبداع. من ذلك أن نسبة النساء العارضات في الدورة الحادية عشر لمعرض الصناعات التقليدية الذي التأم في مارس(آذار) 2004 بلغت 30 بالمائة من مجمل العارضين. وكثيرا ما تفوز النساء بجائزة الإبداع والتجديد التي تُسند في كل دورة من الدورات السنوية للمعرض.
ويحق لتونس أن تفخر، في مطلع الألفية الثالثة، بالمكانة التي تحتلها المرأة التونسية ضمن نُخب البلاد وهي مكانة لا تقل، من حيث ِنسَبها، عن مثيلتها في البلدان المتقدمة: ُثلُث سلك الصيادلة، نصف سلك التعليم، ثُلث السلك الطبي وربع سلك القضاة. ويحسن بنا أن نشير إلى تلك الفئة من النساء التي بدأت تبرز في مطلع هذا القرن وهي فئة النساء " صاحبات الأعمال". وتمثل رئيسات المؤسسات طاقة اقتصادية كامنة لا يُستهان بها. وتقدر الغرفة(النقابة) الوطنية لرئيسات المؤسسات عددهنّ بنحو 5000 رئيسة مؤسسة. ويمثل المعرض النسائي السنوي " أكسبو فيمينا" الذي يجمعهن شاهدا على روح المبادرة و المهارات الإبداعية التي تتمتع بها هذه الفئة من النساء.
المرأة في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية
لا شك أن تدخل المرأة في الحياة السياسية في تطور ملحوظ وإن كان حضورها على ساحة العمل السياسي لا يعكس الأشواط التي قطعتها في مجال نيل الشهادات. وإن كانت الأرقام لا تعكس بالقدر الممكن الوضع في مجال الحياة السياسية والجمعياتية حيث تمثل النساء حاليا حوالي 23 بالمائة من عدد النواب بالبرلمان و 27،44 بالمائة من المستشارات في مجالس البلديات و26،4 بالمائة من مجمل أعضاء اللجنة المركزية للحزب الحاكم (التجمع الدستوري الديمقراطي) وحوالي 40 بالمائة من رؤساء الجمعيات، فلا بدّ من الإقرار بأن مشاركة المرأة في الدوائر السياسية ما فتئت تتعزز.
فعلا، فقد أُحدثت منذ أوت (أغسطس) رتبة الوزيرة المكلفة بشؤون المرأة والأسرة والتي أسندت إليها منذ سبتمبر 2002 مسؤولية الإشراف على قطاع الطفولة. كما تم تعيين 5 نساء في منصب كاتب دولة وحوالي 20 امرأة في منصب مكلفَّات بمهمة في الدواوين الوزارية. كما تم تعيين عدد من السفيرات لتونس بالخارج، وفي سنة 2004 عينّ رئيس الدولة ولأول مرّة امرأة في منصب محافظ لمنطقة زغوان.
وما فتئ إدماج المرأة في الحياة الجمعياتية الوطنية يتعزز تدريجيا. حيث شهدت النور، خلال عقد التسعينات، عدة جمعيات ببادرة من مجموعات من النساء؛ وهي جمعيات جاءت لتعزز الدور الريادي الذي اضطلع به الاتحاد القومي النسائي التونسي منذ الاستقلال. ومن بين المنظمات والجمعيات النسائية، بالإضافة إلى الاتحاد الوطني للمرأة التونسية ، الجمعية التونسية للأمهات وجمعية النساء التونسيات للبحث والتنمية وجمعية العمل النسائي من أجل التنمية ، وجمعية نساء وعلوم والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات والغرفة الوطنية لرئيسات المؤسسات والجامعة الوطنية للفلاحات والجمعية النسائية التونسية . ونالت بعض الجمعيات غير الحكومية النسائية بفضل حركيتها، جوائز وتشجيعات دولية: من ذلك جائزة اليونسكو لمحو الأمية، التي تحصل عليها الاتحاد الوطني للمرأة التونسية سنة 1994 وجائزة خمسينية الاتحاد الدولي للمنظمات النسائية التي تحصلت عليها سنة 1997 الجمعية التونسية للأمهات، وذلك مكافأة لها عن نشاطها لفائدة المرأة الريفية.
وللمرأة حضور أيضا في الهياكل والمنظمات الخاصة بالدفاع عن حقوق الإنسان، مثل الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والفرع التونسي لمنظمة العفو الدولية. كما تعزز حضور المرأة في المنظمات النقابية و الهيئات الاستشارية ( المجلس الاقتصادي والاجتماعي والمجلس الأعلى للقضاء، إلى غير ذلك من الهيئات).
تساهم كل هذه الجمعيات من خلال الدعم الذي توفره والمعونة التي تقدمها والحوارات والمنابر السياسية والاجتماعية والثقافية التي تنظمها، في النهوض بالمرأة.
ومما يعكس إشعاع تونس في مجال سياسة النهوض بالمرأة في المحافل الدولية، انتخاب العديد من التونسيات أو تعيينهن في الهيئات التابعة للأمم المتحدة والهيئات الدولية والإقليمية. من ذلك انتخاب تونسية نائبة رئيس في "الدولية الاشتراكية" وفي "الإئتلاف الحكومي المشترك المكلف ببرامج الشراكة بين بلدان الجنوب في مجال السكان والتنمية. وانتخاب تونسية عضوا خبيرا في لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز ضد المرأة ورئيسا للجمعية الدولية لرئيسات المؤسسات وأمينة سر المنظمة العربية للأسرة وعضو مجلس إدارة المعهد الدولي للبحث والتدريب للنهوض بالمرأة، إلى غير ذلك...
ومن بين مظاهر مشاركة النساء في الحياة العامة، انخراطهن التدريجي في عالمي الثقافة والرياضة اللذين حققن فيهما تقدّما ملحوظا. من ذلك أن تونس تَعِدّ الكثير من الأديبات والسينمائيات والفنانات التشكيليات والمسرحيّات والبطلات الرياضيات اللائي بلغن مستويات دولية. وما انفك حضور المطربات والموسيقيات والراقصات والسينمائيات وكذلك الرسامات والأديبات والشاعرات التونسيات و غيرهنّ يؤثر في المشهد الفني والثقافي المعاصر بتونس.
تكرّم تونس كلّ سنة بمناسبة اليوم الوطني للثقافة ثلة من المبدعين في شتى مجالات الثقافة ومن بينهم برزت المرأة التونسية بكفاءتها ومهارتها.
هذا ويبرز المجال الرياضي أيضا، العنصر النسائي بحركيته وتألقه في الكثير من المسابقات الوطنية والعربية والإفريقية والدولية، رافعا العلم الوطني عاليا. وكانت النتائج الطيبة والميداليات التي أحرزتها الرياضيات التونسيات مصدر فخر واعتزاز ساهمت في إشعاع صورة وسمعة البلاد .
وإن المعارض الفنية المتزايدة العدد للرسّامات التونسيات (بعد أن كان هذا الميدان حكرا على الرجال) والإضافة التي تقدمها النساء الحرفيات في مجالي التراث الثقافي والفنون التقليدية ( جائزة الإبداع وجائزة الخمسة الذهبية وغيرها) وبروز الممثلات المسرحيات المتألقات والمنتِجات والمخرجات السينمائيات، كل ذلك يشهد بقدرة المرأة على الإبداع والتألق وعزمها على الإسهام في نهضة تونس الثقافية.
ولنكتف بذكر المبدعات التونسيات اللائي أحرزن جوائز دولية مثل المخرجة مفيدة التلاتلي التي أحرزت جائزة الجامعة الدولية للسينما والفن عن شريطها " صمت القصور"، و الإشادة الخاصة للجنة تحكيم "الكاميرا الذهبية" لمهرجان َكانْ السينمائي ( دورة 1994) والتانيت الذهبي للأيام السينمائية بقرطاج .
وفي مجال الإبداع الأدبي والفني، شهدت تونس ازدهارا ملحوظا في مجال الكتابات والأعمال الفنية النسائية. ونجحت بعض الأسماء النسائية في فرض نفسها في مجال الرسم والقصة والصحافة. وأمام تنامي حجم الإبداعات النسائية أُحِدث عدد من الجوائز الخاصة بمكافأة المواهب النسائية. ومن بين هذه الجوائز جائزة زبيدة بشير التي يمنحها، منذ سنة1995 مركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة "الكريديف" لأحسن عمل أدبي وأحسن إنتاج علمي للسنة. وهناك أيضا جائزة "ديدون الذهبية" التي تمنحها، منذ سنة 1985 ، الشركة السياحية " قرطاج تور" لأحسن إبداع نسائي في مجالات الثقافة والعمل الاجتماعي، بالإضافة إلى عدد من الجوائز الأخرى التي تكافئ الإبداعات والموهبة النسائية.
ولا يسعنا أخيرا إلاّ أن نشير إلى أن تونس، بالإضافة إلى احتفالها باليوم العالمي للمرأة، تحتفل في 13 أوت (أغسطس) من كل سنة، بـ "اليوم الوطني للمرأة"، وذلك إكراما للمرأة التونسية وتقديرا لمساهمتها الثمينة في التقدم الاقتصادي والاجتماعي للبلاد.
ونشير أخيرا إلى أهمية الهياكل المؤسساتية التي تم إحداثها منذ تحوّل السابع من نوفمبر1987، في إطار السعي إلى إدماج أفضل للمرأة في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية على وجه الخصوص، ومن ذلك:
• وزارة شؤون المرأة والأسرة والطفولة، التي حلت في أوت (أغسطس) 1993 محل كتابة الدولة للمرأة والأسرة المحدثة في أوت (أغسطس) 1992، والتي تتمثل مهمتها في تصور سياسة الدولة في مجالي المرأة والأسرة وتنسيق عمل مختلف الجهات المعنية بالموضوع. وأصبحت هذه الوزارة منذ سبتمبر 2002 مكلفة بملف الطفولة.
• مركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة " كريديف"، الذي تعززت أنشطته بفضل إحداث مرصد لمتابعة تطور وضعية المرأة وانطلاق مشروع التكوين في مجال " الجنس والتنمية" لفائدة النساء التونسيات والإفريقيات، في إطار الشراكة جنوب/ جنوب. كما أُحدث في صُلب مركز " الكريديف" كرسي اليونسكو للدراسات حول وضعية المرأة.
• اللجنة الوطنية ( المرأة والتنمية) وهي مكلّفة بتصور الإستراتيجية الشاملة والبرامج متعددة القطاعات لفائدة المرأة بمساعدة مجمل الهياكل الحكومية وممثلي الأحزاب والمنظمات والجمعيات الوطنية... وذلك في إطار الخطط الوطنية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
• أخيرا المجلس الوطني للمرأة والأسرة واللجنة الوطنية للمرأة الريفيٌة اللذين تتمثل مهمتهما في النهوض بالمرأة والأسرة الريفيتين.
وفي الواقع فان الإرادة السياسية، التي ما انفكت تتجدد، تؤكد التزام الدولة بمواصلة عملية إدماج المرأة في كل مجالات الحياة الوطنية. وقد لاحظ الرئيس زين العابدين بن علي في خطاب ألقاه سنة 1999 قائلا:
" إن المساواة بين الجنسين في نظامنا التربوي أصبحت اليوم واقعا ملموسا، وإني على يقين من أنّ ذلك سيؤدي مستقبلا إلى تحقيق المساواة الكاملة بين الرجال والنساء في المؤسسات السياسية والاقتصادية، وفي جميع قطاعات الحياة العامة وتونس تسير اليوم بخطى حثيثة نحو هذه الغاية".
فهل تتمكن المرأة التونسية في مطلع الألفية الثالثة من كسب الرهان؟
خاتمة عامة
تمثِّل العودة إلى غابر الأزمان، لرسم ملامح المسيرة المشوقة للمرأة التونسية بداية من العصور القديمة إلى يومنا هذا، عملا طريفا ومصدر لذّة حقيقية: لذة البحث عن الجذور التي أكسبت المرأة التونسية تفرُّدها، ولذة إعادة اكتشاف النساء الشهيرات، اللائي ما تزال أصداء أسمائهن محفوظة في الذاكرة و اللائي تمثل سَيرُهن علامات مضيئة في تاريخ تونس؛ وأخيرا لذة التشبع بالعمق التاريخي لهذا البلد. صحيح أن تونس بلد صغير ولكن تاريخها يمتد على ثلاث ألفيات، وهي تمثل نقطة التقاء لحضارتين، تركتا أثرا خالدا في تاريخ الإرث الكوني للإنسانية: حضارة شرقية تتميز بروحانيتها وحضارة غربية تنزع أكثر نحو ما هو عقلاني وعملي.
وإن تونس، أرض انصهار الثقافات والحوار، ظلت دوما ميَّالة للتسامح والتوفيق، بدلا من الميل إلى الاعتراض والصدام مع السعي الدؤوب إلى الانخراط في ديناميكية التقدم الدائمة.
والمرأة التونسية بالأمس واليوم، هي في نفس الوقت البربرية والفينيقية والقرطاجية والرومانية والبيزنطية والعربية المسلمة.
وقد عرفت المرأة التونسية المعاصرة كيف تتخلص من التقاليد والعادات البالية
و "... يعود الفضل في هذا المجال إلى روّاد حركة التحديث في بلادنا منذ قرن من الزمان، من أمثال المصلح خير الدين التونسي والطاهر الحداد والزعيم الحبيب بورقيبة الذين نادوا بتحرير المرأة وناضلوا من اجل تكريس هذه الغاية النبيلة في زمن اعتبر فيه مثل هذا الخيار من قبيل الكفر وإنّ التونسيين والتونسيات معتزون اليوم بهذا التيٌار الحداثي معترفون بالجميل لرموزه متمسكون بالحفاظ عليه وحمايته وتطويره."( أنظر نشريّة خيار المستقبل: البرنامج المستقبلي للرئيس زين العابدين بن علي أكتوبر 1999 نشر الوكالة التونسيّة للاتّصال الخارجي 1999)
إن المسيرة التي قُطعت منذ إحداث أول مدرسة للفتيات المسلمات في الأول من ماي (مايو) 1900 طويلة. وهي تمثل قصة نضال كبير تخللته العديد من التضحيات، نضال لا يجوز حصره وتجميده في فترة مضت وولّت، باعتباره ما يزال متواصلا باعتبار المعركة المتواصلة التي تخوضها البلاد من أجل النمو والازدهار. وبفضل التضحيات التي بذلتها المرأة، يحق لها أن تتطلع اليوم إلى حياة اجتماعية وعائلية أكثر تطورا. وإن القوانين التقدمية التي تم استصدارها والمعاهدات الدولية التي تمت المصادقة عليها، سمحت لتونس بمواكبة التحولات التي جدّت في مجال احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية مواكبة تامّة.
ولا ريب في أنّ المستوى الرفيع الذي بلغته المرأة والأعمال الباهرة والمفاخر التي حققتها تؤهلها لأنْ تكون أداة فعّالة لدفع الحركية الاقتصادية والاجتماعية، في فترة تمر فيها تونس بمنعرج حاسم في مسيرتها التنموية وسعيها لمواجهة تحديات العولمة.